لم ولن يحفظوا له رسالة ولا شخصية ولا منزلة ولا كرامة ولا وصية ولا أهل بيت رغم أنه أنقذهم من الشرك والضلالة والظلمة والوثنية نحو النور والعلم والهداية صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ" - ابراهيم: 1؛ فينبرون بكل وقاحة وجسارة ليتهمونه بالهجران عندما طلب منهم قلما ودواة ليكتب لهم وصيته وهو الصادق الأمين الذي "وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى" - النجم: 3و4، لينادي الرجل بأعلى صوته قائلا: "دعوه أن الرجل ليهجر.. وعندنا كتاب الله حسبنا" - رواه البخاري بسنده عن عبيد الله بن عبد الله وكذلك ابن سعد عن ابن جبير عن ابن عباس (صحيح البخاري بحاشية السندي 1/32 كتاب العلم)، ورواه احمد بن حنبل في مسنده: 3/346، ومسلم في صحيحه: 3/1257- 1259 كتاب الوصية، وكذلك البخاري في صحيحه: 5/127، وفي الصحاح: 2/851 ايضاً، وبألفاظ مختلفة.
أول إعلامٍ حربي كان على يد إبنة علي بن أبي طالب "عليهما وألهما السلام" حيث نقلت الحقيقة الكاملة من أولها لآخرها، مفصلة الحقد والجريمة البشعة التي أرتكبت، بل وتعدت ذلك عندما وقفت في مجلس اللعين الطاغية يزيد، وتكلمت بلغة أبيها وأحرجتهُ ففضحته وبين باطله وزيف شرعية حكمه أمام الحاضرين .
حجارة من سجيل تلك الكلمات التي شكلت جمل خطبة عقيلة بني هاشم سيدتنا زينب الكبرى سلام الله عليها في مجلس الطاغية الأموي الدموي المجرم "يزيد بن معاوية بن أبي سفيان الطليق" بالشام سنة 61 للهجرة، عندما دخلت أسيرة مكبلة هي والامام زين العابدين عليه السلام وسائر أطفال ونساء بني هاشم بعد فاجعة كربلاء التي لم يشهد التاريخ نظيرها طيلة القرون الماضية، حيث قامت واقفة شامخة تعيد للحضور إجلال وشموخ وعظمة وفقاهة وبلاغة أبيها الامام علي أمير المؤمنين عليه السلام وما تعلمته من مدرسة جدها الرسول الأعظم محمد المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، عندما رأت "يزيد" الفسق والفجور والاجرام والدموية والجاهلية منكباً بخيزرانه على ثنايا أخيها الامام الحسين عليه السلام أمام الحضور، فصرخت في وجهه وأربكته وأرعدته وهي تقول: "يا يزيد.. كد كيدك، واسع سعيك، وناصب جهدك، فو الله لا تمحو ذكرنا، ولا تميت وحينا، ولا يرحض عنك عارها، وهل رأيك الا فند وأيامك الا عدد، وجمعك إلا بدد، يوم ينادي المنادي ألا لعنة الله على الظالمين".
التاريخ الاسلامي لم ينصف الحقيقة في غالبيته المطلقة كونه كتب بحروف وأقلام مأجورة لأنظمة طاغية تقمصها أبناء الطلقاء، ما أدى الى تأثر أصحاب النفوس الضعيفة والوضيعة من كلا الطرفين الخاصة والعامة، بما يكتب دون التمعن بجذوره أو الرجوع الى حقيقته.
ثورة الامام الحسين عليه السلام ووقفته البطولية يوم الطف أعطت دروساً بالأخلاق والإباء والتضحية والصمود والمقاومة، ردعاً للتزييف والتحريف والظلم والديكتاتورية، أكثر مما تحصى ويعجز الوصف عن إحصاء مفرداتها فأصبح الامام الحسين (عليه السلام) رمزاً للثائرين في كل مكان من الأرض وفي كل الأديان والملل، ومن عجائبها هو استمراريتها فبعد أكثر من 1380 عاماً لا تزال شعلتها تتقد في نفوس المؤمنين، فأقيمت على منهجها دولاً وممالك نشرت الخير والإصلاح وأضحت مناراً للمستضعفين وطلاب الحرية على مر العصور.
ليس غريباً أن نسمع لحناً ما، فنجده ينساب في أعماقنا ويمتزج مع كلِّ ذرة في وجداننا وإيماننا.. ذلك لأن من أبدع هذا اللحن أودعه جزءاً من روحه؛ يتنقَّل معه من عالم الى آخر من خلال صوت مفعمِ بكرامة والانسانية والعدالة والمشاعر الجياشة.. وأحياناً يكون المبدع انساناً ساعيأً من نوع خاص، يرسل إلينا رسائل تتلاقى أرواحنا فيها مع الحروف لانها توضح لنا معنى الحياة السليمة والحرة النابعة من النفس الأبية والعزة والكرامة الصادقة بعيداً عن الشعارات الخاوية الملونة التي يطلقها البعض وتتشدق بها بعض المكاتب المنحرفة..
كثيرة هي الأيام المباركة والمواقف المشرفة التي تميز بها أهل بيت النبوة والرسالة عليهم السلام لتؤكد للجميع منزلتهم الرفيعة والعالية لدى الباري تعالى ومكانتهم المقدسة التي أكدها الخالق المتعال في محكم كتابه، ومن تلك الشواهد البارزة للمكانة المميزة لأهل بيت الوحي والنبوة والعصمة والطهارة عليهم السلام دون غيرهم هو ذلك الموقف الذي تجسد في يوم الرابع والعشرين من السنة العاشرة للهجرة النبوية المباركة وهو "يوم المباهلة" حيث الاعلان الرباني على وصاية وولاية علي بن أب طالب وأ المنتجبين عليهم السلام أجمعين، قبل يوم الغدير، حيث قال تعالى: "فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِمَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِل فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ"ـ سورة آل عمران الآية61.
اعوذ بالله من العين المتدمع..؟..لاحول بالله على الجسم المقطع
اعوذ بالله..؟..اعوذ بالله
*********
واشعلت شمعه..ابليلة الجمعه..؟..عوذت محجر العين
بآية الكرسي..عوذت نفسي..؟..واختم إبأسم الحسين
واندعي الربي..يلحك الكلبي..؟..وأنخه رب العالمين
كل جبل يرتج..موش فچ اوفج..؟..ابفكد محبوبي الحنين
ارتأيت هذه المرة وبدلا عن كتابة مقال بخصوص "حديث الغدير" وما يدور من حوله، أن أذكر ما جاء في كتب الحديث والسنة لكبار علماء السنة المعتمدين عند الجميع لوقوف الأمة على حقيقة الحديث وأسبابه وأنه نص من الباري تعالى وليس كما يفسره بعض ذوي النفوس الضعيفة وممن تأثر بابواق الإعلام المشبوه والمسموم طيلة أكثر من 14 قرناً، تلك الأيادي التي صاغت التاريخ الإسلامي بزيف ونفاق وبعيد عن الواقع؛ وها أنا أضع بين يدي القارئ الكريم واقعة "غديرخم" ومسانده ورواته باختصار...