يحكى أن " جحا " ذات يومٍ كان مع ابنه يمتطون حمارهم ، فمروا بجماعةٍ ، فقالوا : انظروا يا لقسوة هذا الأب وابنه يمتطون الحمار سوياً ، أين الرفق ؟ سمعهم " جحا " فأنزل ابنه ، وامتطى " جحا " ظهر حماره ، فمروا بجماعةٍ أخرى ، فقالوا : انظروا قساوة الأب يمتطي الحمار بينما ابنه مترجلاً ، سمعهم " جحا " فنزل عن ظهر حماره وأركب ابنه ، فمروا بجماعةٍ أخرى ، فقالوا : انظروا كم هذا الابن عاقاً يمتطي ظهر الحمار بينما والده مترجلاً ، سمعهم " جحا " فأنزل ابنه وقام بمعية ابنه وحملا الحمار على ظهريهما ، فمروا بجماعةٍ أخرى ، فقالوا بضحكاتٍ عاليةٍ يشوبها التهكم : يا لهؤلاء الحمقى يحملون حمارهم وهو المسخر لحملهم وخدمتهم .
يُقال في المثل الشعبي : " رضا الناس غاية لا تدرك " ، إن المجتمع في بعض جزئياته التركيبية ينحني باتجاه اشتهاء النقد ليكون مجتمعاً ناقداً لذاتية النقد ليس إلا ، إشباع رغبةٍ عارمةٍ تسعى إلى تسقيط الآخر ، الآخر الذي يتكبد المشقة في إبراز الخير خيراً جميلاً بكل ألونه واتجاهاته .
إنه نقد لا يتسم بأخلاقيات النقد ولا مهنيته ويتعدى من كونه نقداً إلى كونه إساءة السمعة للآخر ظناً بأنه يمارس النقد بهدف الرقي والتطور ، ربما يصدق تسميته بالجهل المركب ، كم أعجبني تعريف أحدهم للجهل المركب حيث قال : " الجهل المركب يعني أنك غبي ولا تعلم بأنك غبي " .
أن تكون فرداً صالحاً ذو مبادئ وقيمٍ تتبناها كمرجعيةٍ تمارس من خلالها العمل الاجتماعي ، فينبغي عليك امتلاك صبرٍ كبيرٍ وتكون " ريلكس " وتضع قلبك في قالب ثلجٍ كي تستمر ، فإن سوق النخاسين الاجتماعيين في ذروتها وقد ارتفعت أسهمها بوجود قنوات التواصل الاجتماعي وكثرت العدسات بنوعيها كانون ونيكون .
حقيقة لا أجد مبرراً لاشتهاء البهرجة والأنانية حين يكتنفها البعض ، طرب تختزنه لذة " أنا هنا شوفني ومدحني " ، أأصبحنا لا نفقه أبجديات الإنسانية ، أو على الأقل أن لا نعرف العيب ، ونقف عنده .
همسة : " الرائعون الذائبون في خدمة مجتمعهم تساء سمعتهم من هذا وذاك ، إساءة السمعة لكونك تخدم مجتمعك بكل الحب وكل العشق وسام شرفٍ على صدرك ، فابتسم ولا تقلق " .