جريمة القديح ... لحظة الصدق مع الذات
'>#ffffff]لم يكن التفجير الإرهابي في القديح شرق المملكة العربية السعودية مفاجئاً ولا مستغرباً، فالأوضاع السياسية في المنطقة وعملية التأجيج الطائفي المستمرة منذ سنوات... كلها كانت تمهّد لما حصل.
صراع محاور إقليمية، وفراغ سياسي كبير، على خلفية انسحاب الولايات المتحدة من المنطقة وغسل يدها من مشاكلها، وترك دولها تصطدم وتتقاتل، في ذروة حالات الفوضى المدمّرة. '>#ffffff]ووسائل إعلام وفضائيات رُصدت لها مليارات الدولارات النفطية، لتضخّ رسائل الكراهية على مدار الساعة، وتأجيج الأحقاد الطائفية من أجل تمزيق شعوب المنطقة. ورجال دين موتورون، يعيشون على أحقاد ودمامل التاريخ، لا يعرفون معنى للتسامح ولا يعترفون بمبدأ الإخاء والمساواة بين البشر. وبعد ذلك نستغرب مما حدث؟ '>#ffffff]ليست جريمة القديح الأولى ولن تكون الأخيرة، فهذا الفكر التكفيري امتد، وأصبحت له صولة عاتية، ودعاة وإعلام ومناصرون. وضحاياه منتشرون على خارطة بلدان العالم الإسلامي. ونخطئ ونضلّل أنفسنا حين نظنّ أنه يستهدف المسلمين الشيعة فقط، فضحاياه في مناطق سطوته الحالية )في العراق وسورية( من المسلمين السنّة أضعاف ضحاياه من الشيعة. '>#ffffff]ضحاياه السنّة بالملايين، قتلى وجرحى ومعوّقين ومبتوري أعضاء ومشرّدين ولاجئين في أوطانهم وخارج الأوطان.
لقد جيء بهؤلاء المتمرّسين بالقتل من ثمانين بلداً، في أكبر عملية نقل جوي وبري وبحري ترعاها أجهزة مخابرات دولية، لتصفية حسابات سياسية مع بعض الدول، ودفعت الشعوب العربية الثمن من دمائها وأرواح أبنائها وخراب حاضرها ومستقبل أجيالها. وقد رآى الجميع كيف استهدفت هذه الجماعة استئصال مكونات بشرية أصيلة من أبناء هذه المنطقة، تعود جذورها لآلاف السنين، وما فعلته بالأقليات والإثنيات المختلفة في سورية والعراق، فأزهقت أرواحهم ودمّرت مدنهم وفجرت كنائسهم وسبت نساءهم.
هذه هي الحقيقة التي يجب أن نعترف بها الآن، فإصدار بيانات التنديد بالجريمة لم تعد كافيةً، والاستمرار في لعبة التذاكي لم يعد ممكناً، بأن تدعم أو تؤيّد هذه الجماعة الإرهابية في بلدٍ لتمارس جرائمها، وتدينها في بلد آخر، على طريقة «حوالينا وليس علينا .»
فهذه الموجة الخطيرة لا تقتصر على مذهب واحد، كما يتوهم البعض أو يتمنّى آخرون، وإنّما خطرها على جميع المذاهب والأديان، والعبرة أمامكم فيما يفعلونه في ليبيا وتونس ومصر. '>#ffffff]ليكن واضحاً أن هذه الجماعة الخارجة عن أصول الدين والإنسانية، تستهدف الإنسان أينما كان. وخطورتها لا تقتصر على هذا المذهب أو ذاك، واعتبار جريمة القديح موجّهةً ضد الشيعة فقط إنّما هو تضليلٌ للذات، وخداعٌ للشعوب والحكومات، ومساهمةٌ في التستر على الجريمة. فهذا التنظيم الإرهابي المختَرَق - الذي يُستخدم كالبيادق المتحرّكة ضد هذا الطرف أو ذاك- يسفك الدماء وينشر الدمار والخراب على كامل الخريطة العربية، من أطراف الخليج إلى العراق والشام وشمال أفريقيا وأقاصي المغرب العربي فمالي ونيجيريا... والأغلبية الساحقة في هذه البلدان من أبناء السنّة والجماعة. '>#ffffff]إن هذه الجماعة لا تخفي نزعتها الاستئصالية للجميع، فأفرادها ظهروا في مقاطع مسجّلة عبر الانترنت يمزّقون الجوازات الرسمية ويهدّدون بلدان المنطقة بالغزو وقطع الرؤوس، ويتوعّدون الحكّام بالقتل. '>#ffffff]إن المنطقة تصحو اليوم على هذه الانبعاثة التكفيرية المتطرفة، التي لا تعترف بأية حدود شرعية ولا قانونية ولا إنسانية. وإلقاء التهم على أطراف محلية أو خارجية أخرى، كما حاول بعض المنحرفين وأصحاب الأجندات الفكرية الملوّثة، إنّما هي عملية تضليلٍ وتغريرٍ، وتسترٍ على الجريمة ومرتكبيها. ومن الخطأ حسبان هذه الجماعة على مذهب ضد مذهب، لأنها ببساطةٍ ضد الجميع. '>#ffffff]إنّها لحظة الصدق مع الذات، ولو لمرةٍ واحدةٍ، والبوح بالحقيقة، ولا مجال للتلاعب على طريقة الحواة المحترفين،
فاللعب مع الأفاعي والثعابين سيضلّل المعنيين بالأمر، حتى تصل التفجيرات في عواصم ومدن الخليج الأخرى.
شبكة الوادي الثقافي - قاسم حسين - الأحد 24 / 05 / 2015 - 02:05 مساءً
زيارات 522 تعليقات 0
شارك المحتوى عبر مواقع التواصل الإجتماعي