شذرات عن العيد في الاسلام (ح 6)
عن تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: قوله تعالى "قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ" (المائدة 114) والعيد عند قوم هو اليوم الذي نالوا فيه موهبة أو مفخرة مختصة بهم من بين الناس، وكان نزول المائدة عليهم منعوتا بهذا النعت. ولما سأل عيسى ربه ما سأل وحاشاه أن يسأل إلا ما يعلم أن من المرجو استجابته وأن ربه لا يمقته ولا يفضحه، وحاشا ربه أن يرده خائبا في دعائه استجاب له ربه دعاءه غير أنه شرط فيها لمن يكفر بها عذابا يختص به من بين جميع الناس كما أن الآية آية خاصة بهم لا يشاركهم في نوعها غيرهم من الأمم. ثم ذكر عليه السلام عنوانا لهذه المائدة النازلة هو الغرض له ولأصحابه من سؤال نزولها وهو أن تنزل فتكون عيدا له ولجميع أمته، ولم يكن الحواريون ذكروا فيما اقترحوه أنهم يريدون عيدا يخصون به لكنه عليه السلام عنون ما سأله بعنوان عام وقلبه في قالب حسن ليخرج عن كونه سؤالا للآية مع وجود آيات كبري إلهية بين أيديهم وتحت مشاهدتهم، ويكون سؤالا مرضيا عند الله غير مصادم لمقام العزة والكبرياء فإن العيد من شأنه أن يجمع الكلمة، ويجدد حياة الملة، وينشط نفوس العائدين، ويعلن كلما عاد عظمة الدين. ولذلك قال: "عِيداً لِأَوَّلِنا وَآخِرِنا" (المائدة 114) أي أول جماعتنا من الأمة وآخر من يلحق بهم على ما يدل عليه السياق فإن العيد من العود ولا يكون عيدا إلا إذا عاد حينا بعد حين، وفي الخلف بعد السلف من غير تحديد. وهذا العيد مما اختص به قوم عيسى عليه السلام كما اختصوا بنوع هذه الآية النازلة على ما تقدم بيانه. وقوله: "وَآيَةً مِنْكَ" لما قدم مسألة العيد وهي مسألة حسنة جميلة لا عتاب عليها عقبها بكونها آية منه تعالى كأنه من الفائدة الزائدة المترتبة على الغرض الأصلي.
تكملة للحلقة السابقة يقول الشيخ حبيب الكاظمي في موقع السراج: هؤلاء الحواريون ما هو طلبهم؟ هؤلاء طلبوا أمراً غريباً طلبوا من الله عزوجل أن ينزل عليهم مائدة من السماء المائدة طبعا عبارة عن ذاك الخوان الذي فيه الطعام اللغة العربية لغة دقيقة المائدة تستعمل لألخوان الذي عليه الطعام طلبوا مائدة سماوية وهكذا قالوا نريد أن نأكل منها وتطمئن قلوبنا اذاً الهدف من هذا الطلب الأكل من هذه المائدة يقال أنهم طلبوا مائدة فأنزل الله عزوجل عليهم مائدة فيها السمك المهم نأكل منها وتطمئن قلوبنا ابراهيم الخليل أعلى درجة من الحواريين بما لا يقاس رب أرني كيف تحيي الموتى قال أو لم تؤمن؟ قال بلى ولكن ليطمئن قلبي الحواريون طلبوا من الله عزوجل أنزال مائدة تقوي قلوبهم على الأيمان، اخواني انظروا الى أدب المسيح عيسى بن مريم عليه السلام رفع هذا الطلب الى السماء ولكن بشيء من التحوير والتبديل ما قال اللهم أنزل علينا مائدة لنأكل منها وتطمئن قلوبنا، قدم الطلب ولكن بشيء من التغيير قال، كلام المسيح صلوات الله عليه اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيداً لأولنا وآخرنا وآية منك ارزقنا اذاً هذه المائدة آية الهية آية سماوية يعني هذه المائدة اجعلها علامة من علامات العناية الخاصة بأمة المسيح عليه السلام وارزقنا وأنت خير الرازقين جعل الأكل من هذا الطعام هذا الرزق في مرحلة لاحقة اذاً هذا الطعام علامة من علامات العناية الألهية وهذا أمر معنوي، ثم قال وارزقنا وأنت خير الرازقين اذاً الحواريون قال لنأكل منها وتطمئن جعلوا الطعام مقدمة على اطمئنان القلب والمسيح جعل اطمئنان القلب مقدماً على الأكل وعلى الرزق هذا اولا.
تكملة للحلقة السابقة جاء في شبكة المعارف الاسلامية الثقافية عن العيد دلالاته ومعانيه: الطائفة الثانية: عيد الغدير: إذا كان عيدا الفطر والأضحى يمثّلان الطائفة الأولى بما تتضمنه من غاية فردية، وهدف ذاتي، يسعى إليه الإنسان المؤمن في مسيرته التكاملية نحو الله تعالى، فإنّ عيد الغدير يمثّل الطائفة الثانية، وهي تحقيق الهدف الأسمى من خلق الإنسان، إذ أنّه مع ما يتضمنه من انتظام لحياة الناس على كافة المستويات السياسيّة والإجتماعيّة والتنظيميّة وغيرها، فإنه يحتضن هدف وغاية الطائفة الأولى أيضًا، لأنّ صحة الأعمال وقبولها في الآخرة مرهون بقبول ولاية أمير المؤمنين عليه السلام، فعن الإمام الباقر عليه السلام قال: (بُنِيَ الإسلام على خمس: الولاية والصلاة والزكاة والصوم والحج ولم يُنادَ بشيء ما نودي بالولاية يوم الغدير). وفي صحيح زرارة عنه عليه السلام أنه قال: (بُنِيَ الإسلام على خمسة أشياء: على الصلاة والزكاة والصوم والحج والولاية، قال زرارة: فقلت: وأي شيء من ذلك أفضل، قال عليه السلام: الولاية أفضل لأنّها مفتاحهن، والوالي هو الدليل عليهن). وعن الإمام الصادق عليه السلام قال: (أثافي الإسلام ثلاثة: الصلاة والزكاة والولاية، لا تصح واحدة منهن إلا بصاحبتَيها)، والروايات في هذا الباب كثيرة جدًا. إنّ هذه الروايات الشريفة تبيِّن أهميّة الولاية وخطورتها، وما التشديد على الولاية بهذا المقدار -حتى صارت أهم وأفضل من عامة الأربعة الأخرى إلا لأنّها أساس انتظام الحياة الفردية والجماعية، على المستوى الدنيوي والأخروي على حدّ سواء. إنّ الاعتقاد بالولاية يُشكّل المحور الأساسي في الصراع الفكري والحضاري بين الإسلام وسائر الأنظمة الأخرى، لأنّه بدون الولاية، يصبح الدين مجرد علاقة بين الإنسان وربّه، غير مشتمل على نظام اجتماعي يكفل تصحيح المسار العام في حياة الإنسان الدنيا، ويصير الإسلام بذلك نوعًا من المسيحيّة بثوب جديد، بل قد وضعت أحاديث لتبرير هذه النظرة من قبيل ما ذكروه عن النبي صلى الله عليه وآله أنّه قال: (أنتم أعلم بدنياكم) وأشباهه، مع أن المتتبّع للآيات القرآنية الشريفة والسنّة النبوية المطهّرة، والمتأمّل فيها، يعلم بدون أدنى شبهة أنّها مخالفة لروح الإسلام وحقيقته، فجاء التأكيد على الولاية، وبيان أهميتها، لتزييف هذه النظرة، وإعادة الحقّ إلى نصابه. وما دام الوالي هو مفتاح أركان الإسلام والدليل عليها، إذ لا بد لكل قانون من حامٍ يحمي تشريعاته، ويقيم حدوده، ويعيد المخطئ إلى جادّة الصواب والحق، وهذا يستلزم أن يكون الحامي أو الولي عالمًا بتفاصيل الشريعة قادرًا على بيان الحق من الباطل، وهذه الخصوصية لا يمكن للنّاس أن يدركوها بدون إعانة الوحي وتنصيصه، لكونها كالنبوة من هذه الجهة، إذ من غير المحتمل أن يترك الله تعالى دينه وشريعته تحت رحمة أهواء الناس ومصالحهم، خصوصًا إذا كان الناس حديثي عهد بالدين، لم يختمر في نفوسهم، ولم يصقل وجدانهم، فإن ذلك نقص لغرض الدين، وتضييع لغايته التي بعث الأنبياء لأجلها. فالولي إذن أساس الدين الحنيف، وعليه معقد الآمال، وتحقيق حلم الأنبياء من إقامة العدل بين النّاس، وتنظيم كافة شؤونهم، ووضعهم على صراط الله المستقيم. بالإضافة إلى توقف صحة الأعمال على المستوى الفردي وقبولها على الاعتقاد بالولي، مما يؤهل الفرد للدخول في نعيم الجنة يوم القيامة. وهذا ما يفسّر الحديث الوارد عن الإمام الصادق عليه السلام عن آبائه عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنّه قال: (يوم غدير خم أفضل أعياد أمتي وهو اليوم الذي أمرني الله -تعالى ذكره- فيه بنصب أخي علي بن أبي طالب لأمتي، يهتدون به من بعدي، وهو اليوم الذي أكمل الله فيه الدين وأتمَّ على أمتي فيه النعمة ورضي لهم الاسلام دينا)، لأنّه في هذا اليوم يتمّ للإنسانية كلّ ما تحلم به من خير الدنيا، حيث يُقام العدل بين الناس، ويُنتصف المظلومون، فيتنعم النّاس بالأمان والراحة والرفاه، وبه تُقبل أعمال المؤمنين، التي تُؤهِّلهم للفوز بالجنة في يوم القيامة، وهو الجانب الأخروي والفردي لعيد الغدير. وهذه الخاصيّة المشتركة، وهي اشتماله على البعدين الفردي والاجتماعي يفتقدها كلّ من عيدَي الفطر والأضحى، على الرغم مما لهما من أهمية على مستوى حياته الخاصّة والفردية.
جاء في صحيفة الشرق الأوسط عن العيد في السعودية فرائحية سنوية من حبات القمح المشوية إلى أفخر الأطباق العالمية للكاتب بدر الخريف: حافظ السعوديون في مختلف مناطق بلادهم على مظاهر العيد القديمة، مستذكرين عيد أيام زمان ومحاولين إبقاء مظاهر هذه الفرائحية التي تتكرر مرتين في العام في ذاكرتهم من خلال عيدي الفطر والأضحى، كما احتفظت ذاكرة السعوديين بمعاناة الشعراء في العيد. وتختزن الذاكرة الشعبية السعودية مظاهر جميلة عن العيد في بلادهم ظلت على مدى عقود ديدن المجتمع من منطلقات دينية وأخرى اجتماعية، بعضها اتسمت بالنمطية في ظروف وإمكانيات بالغة الصعوبة، متجاوزين التقليدية المملة، ومع التغييرات المتسارعة التي شهدتها البلاد خلال العقود العشرة الماضية بقي العيد مناسبة مهمة تتعدى أنه مناسبة دينية صرفية إلى فرائحية اجتماعية. وحافظت المدن والمحافظات والقرى والهجر في السعودية على مظاهر العيد التي كانت سائدة في الماضي، إذ يحرص السكان على إبقاء هذه المظاهر القديمة ومحاولة توريثها للأبناء. ولوحظ خلال العقود الماضية حرص السكان على إحياء المظاهر الاحتفالية بعيد الفطر من خلال موائد العيد بمشاركة جميع سكان الحي، وتمثلت هذه المظاهر في تخصيص أماكن بالقرب من المساجد أو الأراضي الفضاء ونصب الخيام داخلها وفرشها بالسجاد، ليبدأ سكان الأحياء بعيد الصلاة، بالتجمع في هذه الأماكن وتبادل التهنئة بالعيد، ومن ثم تناول القهوة والتمر وحلاوة العيد، التي تم استبدالها بأجود الحلويات العالمية الشهيرة، بعدها تحضر موائد العيد من المنازل أو المطابخ، التي لا تتعدى الكبسة السعودية والأكلات الشعبية الأخرى التي تشتهر بها كل منطقة من مناطق السعودية، علماً بأن ربات البيوت يحرصن على التنسيق فيما يتعلق بهذه الأطباق لتحقيق التنوع في مائدة العيد وعدم طغيان طبق على آخر. وتتمثل احتفالية العيد بتناول إفطار العيد في ساعة مبكرة، لا تستغرق أكثر من ساعتين بدءاً من الساعة السابعة صباحاً، حيث يؤدي سكان الحي الصلاة في المسجد، ومن ثم يتوجهون إلى المكان المخصص، الذي يفرش عادة بالسجاد (الزوالي)، مع وضع بعض المقاعد لكبار السن ليتسنى لهم المشاركة في هذه الاحتفالات، وفي المكان يتم تبادل التهاني بالعيد، وبسبب تغير الساعة البيولوجية في شهر الفضيل، نهج البعض على تأخير إفطار العيد من الصباح إلى ما بعد الظهر، ليكون بمثابة وجبة غداء، وذلك في المنازل أو في الاستراحات أو قصور الأفراح، وبعد انتهاء هذه الاحتفالية يتوجه أرباب الأسر مع عائلاتهم إلى الأقارب للتهنئة بالعيد ضمن اعتبارات تتعلق بأعمار المزارين ودرجة القرابة، حيث الأولوية لعمداء الأسر وكبار السن منهم، ولأن الساعة البيولوجية للناس يصيبها الخلل خلال شهر الصوم، فإن البعض يحرص على أخذ قسط من الراحة قبيل صلاة الظهر أو بعدها، ويبدأ بعد العصر بزيارة الأقارب والأصدقاء حتى المساء، حيث يخيّم الهدوء على المنازل لتبدأ الأسر بمتابعة فعاليات العيد التي خصصتها الجهات المختصة وتميزت بالتنوع وإرضاء جميع الأذواق، وتراوحت ما بين الفنون الشعبية، والعروض المختلفة والسينما والمسرحيات، والألعاب بمشاركة فرق من الجاليات العربية الإسلامية والأجنبية تعرض فنونها ورقصاتها أمام الحضور، إضافة إلى عروض الألعاب النارية التي تطلق في أماكن محددة من المدينة بإشراف من الدفاع المدني.