
الحريق في بلدتي القديح يحمل جرحاً غائراً، لا زالت تبعاته تجول في نفوس البعض، وفي أجساد البعض الآخر، ولازالت دمعة حائرة تتسلل الى العيون عند تذكر الحريق المأساوي.
انه نداء اليد الواحدة ( الفزعه يا عيال مضر حريقة يا عيال مضر ) يقض المضاجع عند سماعه ! ليعيد لنا ذكرانا الأليمة! ليكون ما حدث مساء أمس الإثنين و تحديداً في الساعة الثامنة هو محرك الذكرى ! حينها وضع أهالي القديح أيديهم على قلوبهم مخافة أن يشتعل فتيل الذكرى مجدداً ليعود بهم إلى تاريخ 1420/ 4/15 وهو تاريخ الحريق المأساوي و الذي لم ولن ننساه بل لم تطب جراحاته الجسدية و لا النفسية حتى يومنا هذا ..

كان حريقٌ هائل في منزلٍ مهجور في أحد الأزقة الضيقة، في تلك القرية مما أدى إلى فزع الأهالي، جميعهم رجالاً و نساءً بمن فيهم الأطفال أيضاً، و ذلك بعد أن تسارعت النيران في منزل السيد عبدالله أبو الرحي، و أتت عليه بأكملة و حين أتمت مهمتها، في ذلك المنزل كـ سبعٍ انقض على فريسته في غفلة، انتقلت إلى المنزل اللصيق به ،و هو منزل السيد محمد أبو الرحي، و لم تكتفِ بذلك بل تخطته إلى مستودعٍ بجانبه للسيد أبو نضال .. كل ذلك تمّ أمام صراخات النساء و خوف الأطفال و عجز الرجال عن منع غول النيران الملتهبة من تجاوز البيت الأول للثاني ثم لتطال بعض المنازل المجاورة و إن كانت زيارتها لهم بصورةٍ سطحية أو متوسطة ..
و قد قام البعض من أهالي القرية بالتجمهر و التجمع بصورةٍ كبيرة و عشوائية حتى كونوا حاجزاً يعيق تقديم المساعدة بطريقةٍ سريعة و خالية من الالعراقيل ، و غالباً هذا هو حالنا في مثل هذه المواقف، نجتمع للتفرج و لجمع الأخبار، أو التقاط الصور، و مقاطع الفيديو، ناسين أو متغافلين وجود أرواحٍ تستغيث بالداخل! جل ماتحتاجه أن نبتعد قليلاً ليحل محلما ذووا الاختصاص ليقوموا بعملهم في صورة صحيحة و سريعة .. و نحن هنا لاننكر بأن بعض المتجمهرين كان مقصده المساعدة، و لربما قام فعلاً بتقديمها، الا اننا نتكلم عن الغالبية اللتي شكلت عائقاً معرقلاً لا جسراً مساعداً ...
و بين وعي المتفرج و لا وعي أصحاب المنازل المتضررة أو القريبة جداً من موقع الحدث تكمن الحيرة و التساؤلات .. مملكتنا أرض نعمة و مكان خصب للعطاء و يد ممتدة دائماً في الخير للمساعدة .. كما أنها بلد ذو نعمةٍ واضحة و خير واضح فهل يعقل أن تكون اليد البيضاء خارجاً عاجزة عن مسح رؤوس أبنائها ؟!!
لاأظن ذلك بل لا أؤمن به .. نحن في بلد خيرات فهل يعقل أن يحدث ماحدث وسط خارطتها !!
القديح قرية بسيطة و حالها كحال الكثير من قرى مملكتي .. المنازل متراصة في بعضها حد الإندماج و الأزقة ضيقة جداً لو حاولت سيارة صغيرة أن تدخلها لسمعت ضجيج جدرانها فكيف بسيارة إطفاء ؟!!

ضيق المكان و الازدحام و وسائل الإنقاذ المحدودة جعلت من الوضع ( حالة هلع ) و تشتت عن كيفية إخماد الحريق أو مساعدة الأسر القريبة من مكانه ..
ماذا عن وجود وسائل إنقاذ حديثة كـ طائرات هيلوكبتر متخصصة فقط في الإطفاء، كما هو الحال مع سيارة الإطفاء تماماً، أو توفير وسائل شبيهة بسيارات الإطفاء، و لكن تصغرها حجماً و ذلك لحالات الحريق المماثلة لاقدر الله، في الأحياء الصغيرة بحيث تتمكن من الولوج في الممرات السكنية الضيقة دون صعوبة .. أو بناء مراكز لضخ المياة داخل كل منطقة و في أحياء متفرقة و عند الحاجة سيكون كل ماعلى فرق الإطفاء شبك الخرطوم في ذات الحي دون الحاجة لسيارات ضخمة قد يفوق حجمها أحياناً حجم الزقاق نفسه !!
و أخيراً .. أتمنى من الجهات المعنية حفظها الله أن تنظر في الأمر على وجه السرعة و أن تتعامل معه على أنه مشكلة عامة لا مشكلة خاصة بالقديح وحدها ، انا على ثقه بأن في وطني قديح أخرى ، بمسمى آخر .
الفوتوغرافي
سيدأيمن بن علوي علوي أبوالرحي
22/4/2014 9:50 ص