جديد الموقع
بوابة التدوين :         البعثة النبوية.. منشور الرشد الإنساني الذي نقضته الأمة فابتليت         فاطمة الزهراء.. الكوثر الذي لا ينبض         أحاديث نبوية متداولة في مصادر أتباع أهل البيت (ح 103)         أحاديث نبوية متداولة في مصادر أتباع أهل البيت (ح 102)         أحاديث نبوية متداولة في مصادر أتباع أهل البيت (ح 101)         أحاديث نبوية متداولة في مصادر أتباع أهل البيت (ح 100)     بوابة الصور :         احمد خليل الحصار ـ القديح ـ 7 سنوات         الحفل الختامي لبرنامج التكليف السادس4         الحفل الختامي لبرنامج التكليف السادس20         الحفل الختامي لبرنامج التكليف السادس19         الحفل الختامي لبرنامج التكليف السادس18         الحفل الختامي لبرنامج التكليف السادس17     بوابة الصوتيات :         مناجاة - مناجاة الخائفين ـ بصوت: هاني الخزعلي         الأدعية والزيارات - دعاء التوسل ـ بصوت: حبيب الدرازي         الأدعية والزيارات - اللهم ارزقني حج بيتك الحرام ـ بصوت: حبيب الدرازي         الأدعية والزيارات - دعاء يا عدتي ـ بصوت: ياسر كمال         مناجاة - مناجاة العارفين ـ بصوت: مرتضى قريش         الأدعية والزيارات - زيارة عاشوراء ـ بصوت: الشيخ علي مدلج     بوابة المرئيات :         مسجد السهلة المعظم بالعراق         شهر الرحمن ـ أداء: محمد وليد الحزيزي ـ اشبال الصادق الإنشادية         هذا الصادق جعفر ـ إنشاد: محمد حسين خليل ، رضوان شاهين ، فاتن منصور         نور من الرحمن ـ أداء: هاني محفوظ         اقرأ وتدبر ـ الميرزا محمد الخياط         خديجة أم المؤمنين ـ باسم الكربلائي     البرامج والكتب :         زيارة عاشوراء تحفة من السماء         رياض السالكين (الجزء السابع) ـ السيد علي خان الشيرازي         رياض السالكين (الجزء السادس) ـ السيد علي خان الشيرازي         رياض السالكين (الجزء الخامس) ـ السيد علي خان الشيرازي         رياض السالكين (الجزء الرابع) ـ السيد علي خان الشيرازي         رياض السالكين (الجزء الثالث) ـ السيد علي خان الشيرازي    

مفهوم القرية في الآيات القرآنية (ح 8)

مفهوم القرية في الآيات القرآنية (ح 8)
الدكتور فاضل حسن شريف



تكملة للحلقات السابقة:

  قال الله تعالى عن قرية "وَلُوطًا آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَت تَّعْمَلُ الْخَبَائِثَ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ" الأنبياء 74 الْقَرْيَةَ: الْ اداة تعريف، قَرْيَةَ اسم، قرية: قال اهل التفسير: إنها قرية " حَضور "، و كان الله تعالى بعث إليهم نبي، و "وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ  أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَهَا بَلْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ نُشُورًا" الفرقان 40 الْقَرْيَةَ: الْ اداة تعريف، قَرْيَةَ اسم، القَرْيَةَ: سدوم (مكان بحيرة لوط)، ولقد كان مشركو "مكة" يمرون في أسفارهم على قرية قوم لوط، وهي قرية "سدوم" التي أُهلِكت بالحجارة من السماء، فلم يعتبروا بها، بل كانوا لا يرجون معادًا يوم القيامة يجازون فيه، و "فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ  إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ" النمل 56 قريتكم: هي القرية التي بُعث لوط إلى أهلها و تدعى سَدوم، فما كان لقوم لوط جواب له إلا قول بعضهم لبعض: أَخْرجوا آل لوط من قريتكم، إنهم أناس يتنزهون عن إتيان الذكران. قالوا لهم ذلك استهزاءً بهم، و "وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ" القصص 59 الْقُرَى: الْ اداة تعريف، قُرَى اسم، وما كان ربك أيها الرسول مهلك القرى التي حول "مكة" في زمانك حتى يبعث في أمها وهي (مكة) رسولا يتلو عليهم آياتنا، وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون لأنفسهم بكفرهم بالله ومعصيته، فهم بذلك مستحقون للعقوبة والنكال، و "وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَـذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ" العنكبوت 31 هَذِهِ القَرْيَةِ: قرية سدوم ( قوم لوط )، ولما جاءت الملائكة إبراهيم بالخبر السارِّ من الله بإسحاق، ومن وراء إسحاق ولده يعقوب، قالت الملائكة لإبراهيم: إنا مهلكو أهل قرية قوم لوط، وهي "سدوم"، إنَّ أهلها كانوا ظالمي أنفسهم بمعصيتهم لله.

عن تفسير جوامع الجامع للشيخ الطبرسي: قال الله سبحانه وتعالى "وَلُوطًا آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَت تَّعْمَلُ الْخَبَائِثَ  إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ" الأنبياء 74 أي: نجينا إبراهيم ولوطا وهو ابن أخيه من نمرود وكيده من كوثى. قوله عز من قائل "وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَهَا بَلْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ نُشُورًا" الفرقان  "القرية" سدوم من قرى قوم لوط، وكانت خمسا، أهلك الله أربعا منها وبقيت واحدة، و "مطر السوء": الحجارة، وكانت قريش يمرون في متاجرهم إلى الشام على تلك القرية التي أهلكت بالحجارة ويرونها "لا يرجون" أي: لا يتوقعون وضع الرجاء موضع التوقع، لأنه إنما يتوقع العاقبة من يكون مؤمنا، أو: لا يأملون "نشورا"، أو: لا يخافون فلذلك لم ينظروا ولم يتذكروا.

وعن الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: عندما تعد الطهارة عيبا كبيرا لا حظنا في ما سبق من البحوث منطق نبي الله العظيم "لوط"، ذلك المنطق المتين أمام المنحرفين الملوثين، وبيانه الإستدلالي الذي كان يعنفهم على عملهم القبيح، ويكشف لهم نتيجة جهلهم وعدم معرفتهم بقانون الخلق وبجميع القيم الإنسانية. والآن، لنستمع إلى جواب هؤلاء المنحرفين بماذا أجابوا منطق " لوط "؟ يقول القرآن: "فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ  إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ" النمل 56 فجوابهم كاشف عن انحطاطهم الفكري والسقوط الأخلاقي البعيد. أجل.. إن الطهارة تعد عيبا ونقصا في المحيط الموبوء، وينبغي أن يلقى أمثال يوسف المتعفف في السجن، وأن يطرد آل لوط نبي الله العظيم ويبعدوا لأنهم يتطهرون خارج المدينة، وأن يبقى أمثال (زليخا) أحرارا أولي مقام. كما ينبغي أن يتمتع قوم لوط في مدينتهم دون حرج ويحتمل في جملة إنهم أناس يتطهرون أن قوم لوط لانحرافهم وغرقهم في الفساد، وتطبعهم وتعودهم على التلوث، كانوا يقولون مثل هذا الكلام من باب السخرية والاستهزاء.. أي إنهم يتصورون أن أعمالنا قبيحة وغير طاهرة وأن تقواهم من التطهر، فما أعجب هذا الكلام إنه لمهزلة. وليس هذا غريبا أن يتبدل إحساس الإنسان نتيجة تطبعه بعمل قبيح فيتغير سلوكه ونظرته.. فقد سمعنا بقصة الدباغ المعروفة، إذ ورد أن رجلا كان يدبغ الجلود المتعفنة دائما، وتطبعت شامته برائحة الجلود العفنة فمر ذات يوم في سوق العطارين، فاضطرب حاله وأغمي عليه، لأن العطور لا تناسب شامته فأمر رجل حكيم أن يؤخذ إلى سوق الدباغين لانقاذه من الموت. فهذا مثال حسي طريف لهذا الموضوع المنطقي. جاء في الروايات أن لوطا كان يبلغ قومه حوالي ثلاثين عاما وينصحهم، إلا أنه لم يؤمن به إلا أسرته وأهله باستثناء زوجته فإنها كانت من المشركين وعلى عقيدتهم. قوله جل جلاله "وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ" القصص 59

لا يعذب الله قوما حتى يتم عليهم حجته ويرسل إليهم رسله، وحتى بعد إتمام الحجة، فما لم يصدر ظلم يستوجب العذاب فإن الله لا يعذبهم، وهو يراقب أعمالهم، وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون. والتعبير ب‌ ما كنا أو وما كان ربك دليل على أن سنة الله الدائمة والأبدية التي كانت ولا زالت، هي أن لا يعذب أحدا إلا بعد إتمام الحجة الكافية. والتعبير ب‌ حتى يبعث في أمها رسولا إشارة إلى عدم لزوم إرسال الرسل إلى جميع المدن، بل يكفي أن يبعث في مركز كبير من مراكزها التي تنشر العلوم والأخبار رسولا يبلغهم رسالاته لأن أهل تلك المناطق في ذهاب وإياب مستمر إلى المركز الرئيسي، لحاجتهم الماسة، وما أسرع أن ينتشر الخبر الذي يقع في المركز إلى بقية الأنحاء القريبة والبعيدة، كما انتشرت أصداء بعثة النبي صلى الله عليه وآله التي كانت في مكة - وبلغت جميع أنحاء الجزيرة العربية في فترة قصيرة لأن مكة كانت أم القرى، وكانت مركزا روحانيا في الحجاز، كما كانت مركزا تجاريا أيضا.. فانتشرت أخبار النبي صلى الله عليه وآله، ووصلت جميع المراكز المهمة في ذلك الحين وفي فترة قصيرة جدا. فعلى هذا تبين الآية حكما كليا وعاما، وما يدعيه بعض المفسرين من أنها إشارة إلى (مكة) لا دليل عليه، والتعبير ب‌ في أمها هو تعبير عام كلي أيضا لأن كلمة (أم) تعني المركز الأصلي، ولا يختص هذا بمكة فحسب قوله سبحانه "وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَـذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ" العنكبوت 31

هذه هي عاقبة المنحرفين: لقد أستجيب دعاء لوط أخيرا، وصدر الأمر من الله تعالى بالعقاب الصارم والشديد لهؤلاء القوم المنحرفين والمفسدين، فمر الملائكة المأمورون بعذاب قوم لوط بالأرض التي فيها إبراهيم عليه السلام لأداء رسالة أخرى قبل أن ينزلوا العقاب بقوم لوط، وهذه الرسالة التي سبقت العذاب، هي بشارتهم لإبراهيم عليه السلام بالولد: "فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب" (هود 71). والآيات المتقدمة تذكر أولا قصة مرورهم بإبراهيم عليه السلام فتقول: ولما جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا إنا مهلكوا أهل هذه القرية إن أهلها كانوا ظالمين. والتعبير ب‌ " هذه القرية " يدل على أن مدن قوم لوط كانت قريبة من أرض إبراهيم عليه السلام والتعبير بالظالمين هو لأجل كونهم يظلمون أنفسهم باتخاذهم سبيل الشرك والفساد الأخلاقي وعدم العفة، وظلمهم الآخرين حتى شمل العابرين والقوافل التي كانت تمر على طريقهم. فلما سمع "إبراهيم" هذا النبأ حزن على لوط النبي العظيم وقال إن فيها لوطا. فما عسى أن تكون عاقبته؟ إلا أنهم أجابوه على الفور، قالوا نحن أعلم بمن فيها فلا تحزن عليه، لأننا لا نحرق الأخضر واليابس معا، وخطتنا دقيقة ومحسوبة تماما. ثم أضافوا لننجينه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين. ويستفاد من هذه الآية جيدا أن أسرة واحدة فقط في جميع تلك المدن والقرى كانت مؤمنة وغير مدنسة، وقد نجاها الله في ذلك الحين أيضا كما نقرأ مثل ذلك في الآية (36) من سورة الذاريات: "فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين" (الذاريات 36) ومع ذلك فإن امرأة لوط كانت خارجة عن جماعة المؤمنين، فشملها العذاب.
وحُكِي أن بعض القضاة دخل على علي ابن الحسين عليهما السلام، فقال: أخبرني عن قول الله تعالى: "وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً" (سبأ 18)، ما يقول فيه علماؤكم؟ قال: يقولون: إنها مكة، فقال: وهل رأيت ؟ فقلت: ما هي؟ قال: إنما عنى الرجال، فقال: فقلت: فأين ذلك في كتاب الله ؟ فقال: ألم تسمع قوله تعالى: "وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ" (الطلاق 8).


شبكة الوادي الثقافي - الدكتور فاضل حسن شريف - الجمعة 10 / 11 / 2023 - 06:48 صباحاً     زيارات 252     تعليقات 0
عرض الردود
أضف تعليقك



تسجيل الدخول


احصائيات عامة

المقالات والأخبار 1,277
الصور 2,751
الرواديد 82
الصوتيات 2,010
المرئيات 1,628
مكتبة البرامج والكتب 40
المجموع 7,788