صفحات من الذاكرة (الحياة مع إنسان ما قبل التاريخ)2

الحياة مع إنسان ما قبل التاريخ

شبكة الوادي الثقافي/ القطيف

تشير الأبحاث والدراسات التاريخية الى أن المنطقة الشرقية من المملكة ذات تاريخ موغل في القدم، وتؤكد ذلك العثة المختصة بالتنقيب عن الآثار عندما عثرت على دلائل وشواهد أثرية ترجع إلى ما قبل التاريخ بآلاف السنين..

فشريط البياض مثلاً الواقع في الجهة الغربية من الدمام والقطيف وراس تنورة، والممتد من الظهران الى الجبيل ملئ بآثار الإستيطان البشري، وتبقى الأواني المنزلية وأدوات الصيد والحروب التي تم العثور عليها في هذا الشريط والتي تعود إلى العصر الحجري، شاهدة عيان على قدم وعراقة هذه المنطقة..

فإنسان ما قبل التاريخ ذلك الإنسان البدائي الذي لا حول له ولا قوة استطاع أن يجعل من المستحيل سهلاً يسراً، فصنع لنفسه معدات للحرب وأدوات للصيد من الحجر ولم ينس أن يصنع لفسه أوانٍ منزلية كالقدور والصحون والسكين والملعقة.. هذا الإنسان البدائي عرف كيف يحارب الجوع في سبيل البقاء على قيد الحياة بالوسائل المتاحة أمامه والمستحوذة على تفكيره ونمط حياته وعيشه..

الأخ بلال سعود آل حمد بائع سمك وأحد المهتمين بجمع الآثار في منطقة القطيف، قد حصل على مجموعة رائعة من أدوات الصيد والحروب كرؤوس الرماح والنبال التي صنعتها يد إنسان ما قبل التاريخ "العصر الحجري" من الحجر الناري المعروف بصلابته وقوته وعدم تأثره بالعوامل الجوية المتقلبة، وهذا هو سر بقاء هذه الأدوات طيلة القرون السابقة محتفظة بطابعها الأصلي، سألنا بلال عن كيفية جمع هذه الدوات وكيف تعرف عليها وعلى تاريخها القديم، فقال كنت في بادئ الأمر أجمع كل حجر له أثر يدل على أنه من صنع يد الإنسان سواء قديماً أو حديثاً، ثم قمت بزيارة المتحف الإقليمي بالدمام حاملاً معي عينات من أدوات الحرب والصيد للإنسان البدائي فأعطوني المعلومات الوافية عنها، ولم أكتف بذلك بل ذهبت الى البحرين وزرت المتحف الوطني فرأيت أشياء تشبه تلك التي بحوزتي، وعندها صرت أجمع هذه الأدوات وأوليها اهتماماً أكثر جدية فوضعتها في براويز كما تراها أمامك.. وحصل أنني قمت بشراء بعض الكتب التي تتحدث عن إنسان ما قبل التاريخ لتكتمل الصورة فيصبح لدي المعلومات الوافية عنه..

ويضيف بلال قائلاً: لقد عثرت بالمقابل في شريط البياض بمحاذات القطيف على أختام دلمونية دائرية الشكل المصنوعة من الحجر الصابوني والتي لا تزال تحتفظ بأصالتها وزيها الأنيق، وإنني متتبع لما قاله الأستاذ خالد السندي في مقاله "الأختام الدلمونية النشأة والتطور" المنشور بجريدة أخبار الخليج بتاريخ 24/9/1993م ، بأنه سيظل الختم الدلموني من أبرز العناصر الأثرية والأكثر تنوعاً وعطاءً فهو بمثابة اللوحات المرسومة والمعبرة في آن واحد في جوانب كثيرة من جوانب الحياة القديمة في دلمون والأختام بوجه عام من حيث تنوع موضوعاتها وأساليب النقش بها تعتبر من المرتكزات الأساسية لدراسة أي حضارة فالدور الذي لعبه الختم كسجل مرئي يعتبر من أهم المصادر لدراسة أي حضارة للدخول في دراسة تفاصيل تلك المعتقدات لدى الشعوب القديمة..

ومن خلال قراءتي لهذه المقالة لم أجد ذكراً للمنطقة الشرقية التي تحتفظ في جوفها العديد من الأختام الدلمونية ما يدل على عمق الترابط بين الأرضين..

ولكي أقطع الشك باليقين ولاستبيان الحقيقة قمت بزيارة الى المتحف الوطني بالبحرين لأقارن الأختام التي عثرت عليها بالأختام الموجودة هناك واتضح لي أن الأختام التي حملتها معي شبيهة تماماً بالأختام الدلمونية التي تم العثور عليها في أراضي البحرين كما أكد لي صحة ذلك أحد المسؤولين بالمتحف..

وإلى جانب الأختام الدلمونية ضم متحف بلال عملات إغريقية وأخرى من كافة العصور العصر العباسي والعثماني، وكذا عملات عديدة من بعض الدول في العالم..

أما في مجال الإعلام فقد اقتنى بلال عدداً لا بأس به من الصحف والمجلات المحلية والعربية في أعدادها الأولى، مثل جريدة الفجر الجديد أول جريدة تصدر في المنطقة الشرقية، وجريدة القصيم التي كانت تصدر من منطقة القصيم ورأس تحريرها الأستاذ صالح السليمان العمري، والعدد الرابع من مجلة صوت البحرين قديماً "البحرين" حالياً، وغيرها..

وبالنسبة للمخطوطات فقد ضم متحفه العديد من المصاحف الشريفة بخطوط متعددة بالإضافة الى تراجم لمشاهير رجال التاريخ..

وفي جانب من جوانب متحف بلال وجدنا أدوات منزلية مصنوعة من الفخار كالقدور والصحون وغيرها من مستلزمات مطبخ البيت القديم، والى جانبها في الركن يقبع المرطبان القديم الذي عثر عليه في بحر القطيف على عمق 20متراً وجده أحد الصيادين بواسطة الجرافة الخاصة بصيد الروبيان..

وقبل أن نختم جولتنا لمتحف بلال سألناه: ماذا بعد جمع هذه الأثريات المتنوعة؟ فقال: عندما أخرج من أزمة ضيق المكان سأقوم بتهيئة جناح خاص للمتحف ليزوره المهتمين أمثالكم..

صديقه الودود: عبد الرحمن فريج يرحمه الله كان يرافقه في جولاته للبحث عن كل ما هو قديم وفي أي مكان ولا يهم الوقت بل كانت لديهم هواية ورغبة شديدة في الحصول على الآثار والتعرف على التاريخ من خلال المغامرة وبحضور النكتة والإبتسامة كونوا لهم فكرة حقيقية عن المنطقة وتاريخها العريق، يعني بلال بائع سمك وعبد الرحمن موظف البريد استطاعا أن يحاكيان الزمن ويتأقلما مع الحدث ويبرزانه أمام الجميع دون خجل أو تهاون ....

وهذه صورة للمرحوم عبد الرحمن فريج