لبنان (آسيا) : تعرض وكالة أنباء آسيا مقابلة مع "حلاق" الشهيد الحاج عماد مغنية وهي جزء من الفيلم الوثائقي "الحاج الفلسطيني" الذي أعده وأخرجه الاعلامي اللبناني خضر عواركة.
حسان (إسم وهمي) لرجل في منتصف الثلاثين من عمره ، ورث المهنة عن والده وتشارك واشقائه في ملكية محل حلاقة في منطقة المزة (في العاصمة السورية ) بعد وفاة الوالد الذي كان أيضا حلاقا لشخصيات سورية عالية المستوى.
الأبناء ورثوا علاقات الأب وحسان نفسه هو حلاق الكثير من الشخصيات السورية الشديدة الأهمية وخصوصيته تنبع من الثقة التي توليه إياها تلك الشخصيات فتسلمه "ذقونها والرقاب" ليسرح موس حلاقته حرا طليقا حولها.
كان حسان ولا يزال معتادا على زيارة زبائنه من " الفئة الأولى" في منازلهم ، وخلال إحدى زياراته تلك، لشخصية سورية بارزة إلتقى حسان بزائر إسمه "الحاج ربيع".
الزائر كما صاحب المنزل "سلّم شعره " لمقص حسان وسلم أيضا رقبته وذقنه لموس الحلاقة، ويستذكر حسان تعليقا ملفتا لم ينتبه لمعناه وقتها قاله صاحب البيت للحاج ربيع وحين جلس بين يدي الحلاق:
" هلق إزا حسان بيعرف إنو رقبتك حقها خمسة وعشرين مليون دولار كان بقصها "
ضحك المسؤول السوري وإستغرب حسان وإبتسم الحاج ربيع .
سأل الحاج ربيع حساناً عن موقع محله وقال له :
بـ"المستقبل بصير بمرق عليك تحلق لي بس كون بالشام "
كان ذلك في منتصف العام 2003
وبعدها تردد الحاج ربيع على محل الحلاقة ذاك بشكل متواتر ومتقطع ، ويقول حسان : كان الحاج ربيع يأتيني دوما بلا موعد، وقبل أن اقفل المحل بدقائق ليضمن عدم وجود أي كان غيري في المحل، فقد كنت قد أخبرته بعد أن سألني في لقائنا الأول عن مواعيد إقفال المحل وعن مواعيد دوامي ودوام إخوتي وكنت أنا دوما أتأخر عن موعد رحيلهم بساعة لأقفل المحل بعد تنظيفه بنفسي .
كان الحاج ربيع يغيب لأشهر ثم يظهر ، وأحيانا كان لا يغيب سوى أسبوعين، وكنت ألاحظ أن " ستايل الحاج ربيع" لم يكن هو نفسه في كل مرة يزورني فيها .
أحيانا كان يلبس ثيابا تبدو عليه معها هيئة رجال الأعمال، وأحيانا كان يبدو بهيئة شبابية وأحيانا كان يبدو رب "عائلة مستور "، ولكنه في كل الأحوال كان يدخل المكان باسماً ملقياً التحية على من فيه بأدب شديد وبود.
إنسانيته وتواضعه الشديد قرّباه إلى نفسي فشعرت على مرّ السنين بأنه صديق وأخ وتطورت العلاقة بيني وبينه إلى حد أن يعرف بالاسماء كل أولادي، ويعرف مشاكل كلٍ منهم بالدراسة. فقد كنت كما كل الحلاقين أثرثر معه، ولم يكن يمانع من الإستماع إلي .
طيبته حملته مرات ومرات على سؤالي عن أبنائه وعن مشاكلهم وفي إحدى المناسبات علم بمشكلة عائلية وقعت بيني وبين أحد القريبين مني فقال لي :
إسمع (يا فلان) طالب بحقك، ولكن إحفظ صلة الرحم فالله سبحانه يعوض عليك، ما قد تخسره من مشكلة مع من يأكل حقا لك من عائلتك ، ولكن خسارة صلة الرحم تغضب الرب وتقطع الرزق.
كان إيمانه يظهر من الكلمات التي يتفوه بها، وكان حديثه هو دليل الإنسان إلى تقواه، ولكن شكله الخارجي لم يكن يوحي أبدا بأن ذاك الشخص المتواضع هو المجاهد الكبير عماد مغنية.
ضحكته كانت سهلة وكان دوما يبدو فرحا ومرتاحا، إلا أني شاهدته مرة في موقف لن أنساه ما حييت.
الرجل الذي أبكى الأميركيين والإسرائيليين يبكيه مشهد تلفزيوني يتابع حسان:
لم أعد أذكر ما هي المناسبة ولا تاريخها فأنا حلاق ولست مؤرخاً ، ولكني أذكر تماما كيف دخل الحاج ربيع إلى محلي بهيبته التي تشعر بها دون أن تعرف السبب أو تفهمه، جلس على كرسي الحلاقة وكان دوما يختار الكرسي الذي لا يمكن لمن يمر في الشارع الإطلال عليه بسهولة وكان يطلب مني ان أدير الكرسي بإتجاه شاشة التلفزيون المعلقة فوق الحائط فيصبح ظهره للشارع، ووجهه مقابل التلفزيون . في ذاك النهار عرض التلفزيون (قناة المنار على ما اذكر) تفاصيل تشييع شهداء للمقاومة وحين برزت نعوش الشهداء على الشاشة، وتفاجأت حين رأيت الدموع تكرّ بغزارة على وجنتي " الحاج ربيع " .
يقول حسان : أحسست وقتها بالحرج فلم أعرف ما الذي علي قوله فخرجت من المحل بحجة التحدث بالهاتف.
المصدر:
وكالة أنباء آسيا