جديد الموقع
بوابة التدوين :         البعثة النبوية.. منشور الرشد الإنساني الذي نقضته الأمة فابتليت         فاطمة الزهراء.. الكوثر الذي لا ينبض         أحاديث نبوية متداولة في مصادر أتباع أهل البيت (ح 103)         أحاديث نبوية متداولة في مصادر أتباع أهل البيت (ح 102)         أحاديث نبوية متداولة في مصادر أتباع أهل البيت (ح 101)         أحاديث نبوية متداولة في مصادر أتباع أهل البيت (ح 100)     بوابة الصور :         احمد خليل الحصار ـ القديح ـ 7 سنوات         الحفل الختامي لبرنامج التكليف السادس4         الحفل الختامي لبرنامج التكليف السادس20         الحفل الختامي لبرنامج التكليف السادس19         الحفل الختامي لبرنامج التكليف السادس18         الحفل الختامي لبرنامج التكليف السادس17     بوابة الصوتيات :         مناجاة - مناجاة الخائفين ـ بصوت: هاني الخزعلي         الأدعية والزيارات - دعاء التوسل ـ بصوت: حبيب الدرازي         الأدعية والزيارات - اللهم ارزقني حج بيتك الحرام ـ بصوت: حبيب الدرازي         الأدعية والزيارات - دعاء يا عدتي ـ بصوت: ياسر كمال         مناجاة - مناجاة العارفين ـ بصوت: مرتضى قريش         الأدعية والزيارات - زيارة عاشوراء ـ بصوت: الشيخ علي مدلج     بوابة المرئيات :         مسجد السهلة المعظم بالعراق         شهر الرحمن ـ أداء: محمد وليد الحزيزي ـ اشبال الصادق الإنشادية         هذا الصادق جعفر ـ إنشاد: محمد حسين خليل ، رضوان شاهين ، فاتن منصور         نور من الرحمن ـ أداء: هاني محفوظ         اقرأ وتدبر ـ الميرزا محمد الخياط         خديجة أم المؤمنين ـ باسم الكربلائي     البرامج والكتب :         زيارة عاشوراء تحفة من السماء         رياض السالكين (الجزء السابع) ـ السيد علي خان الشيرازي         رياض السالكين (الجزء السادس) ـ السيد علي خان الشيرازي         رياض السالكين (الجزء الخامس) ـ السيد علي خان الشيرازي         رياض السالكين (الجزء الرابع) ـ السيد علي خان الشيرازي         رياض السالكين (الجزء الثالث) ـ السيد علي خان الشيرازي    

من خلف القضبان ـ ناصر الحسين

   في ذكرى شهادة الإمام الكاظم (ع) تفرض مفردة السجن حضورها الكثيف. فالإمام عانى الكثير وعلى مدى سنوات طوال في سجون بني العباس. هذا الحضور لهذا الجانب المأساوي من حياته يتلاقى مع المشهد العام لتاريخ أهل البيت عليهم السلام، وسيرة شيعتهم الذي يصطبغ بتراجيديا واضحة، وهو أمر طبيعي إلى حد كبير باعتباره سمة بارزة للأحداث التي عايشها أئمة أهل البيت عليهم السلام ومناصريهم.
   لا شك في أن الإلمام بجميع أبعاد سيرة المعصومين مسألة يستحيل بلوغها. إلا أننا معنيون باكتشاف الدروس والعبر. ومطالبون بالبحث في الأحداث والتجارب، والخروج منها بما يعيننا على تأدية حق المعرفة بهم، وبما يوفر في أنفسنا المواصفات التي تجعل منا أتباعا حقيقيين لهم.
   في تجربة الإمام الكاظم (ع) الكثير من الأبعاد التي تحتاج إلى سبر وتحقيق، ومن بينها قدرة الإمام على ممارسة مهامه كقائد للمؤمنين من خلف قضبان السجون وفي ظلام أقبية المعتقلات، وإفشال مخطط السلطة في خلق حاجز يمنع من التواصل مع الأتباع  والمريدين.
   وعادة ما تلجأ السلطات الظالمة إلى إبعاد القيادات عن بحرها عبر سلب أو تقييد حرياتها واعتقالها أو نفيها بعيداً عن موطنها وجماهيرها، وقد استخدمت السلطات العباسية هذا الأسلوب مع الإمام الكاظم (ع)، إلا أنها فشلت في ذلك. لقد تمكن الإمام من تجاوز الحواجز وتوجيه الأمة وممارسة الدور القيادي عبر طرق متنوعة:
1) التأثير المباشر على الأشخاص الذين احتك بهم خلال وجوده في السجن أو انتقاله من سجن لآخر، إذ كان لأخلاقه الرفيعة بالغ الأثر في هداية بعض سجانيه أو من ترسلهم السلطة لأغراضها الخبيثة فيصطدم هؤلاء بشخصية فريدة تمثل القمة في كل الصفات العظيمة. وجدوه -سلام الله عليه- كاظماً للغيظ، محباً للخير، زاهداً في الدنيا، شفيقاً رؤوفاً بالناس، سخياً كريماً، عابداً لله، منقطعاً إليه . ومما ينقل في هذا الصدد أن هارون الرشيد أرسل جارية جميلة إلى سجن الإمام (ع) بهدف إغوائه، غير أن السجان عاد بعد مدة ليراها ساجدة تردد "سبوح قدوس رب الملائكة والروح".
أصبح جلاوزة السجن يتناقلون قصص عبادة الإمام (ع) وانقطاعه إلى الله عز وجل في السجن، فتركت أثراً كبيراً في نفوس بعضهم، كما كانت هذه الأخبار تسري إلى خارج السجن في المجتمع. إن من شأن هذه السيرة والأخبار أن تحقق بعض الأهداف التربوية والأخلاقية التي هي جوهر الدين ومهمة الأنبياء والأولياء والصالحين.
2) التواصل مع أصحابه عن طريق الرسائل الشفهية أوالمكتوبة، وهي مهمة كان يقوم بها بعض الذين انجذبوا إليه في السجن وتأثروا به، وكان -عليه السلام- حريصاً كل الحرص على حفظ هذه القنوات التي تصله بالمجتمع، ومن خلالهم يجيب على أسئلة الناس ويقضي لهم حاجاتهم.
3) الاختراقات التي نجح في إحداثها في أجهزة السلطة التي كانت تتولى الإشراف على السجون، وذلك عن طريق تكليف بعض الخلص من أصحابه في العمل لدى السلطة بما يخدم القضية، ومن بين هؤلاء علي بن يقطين الذي اعتمد عليه الإمام في قضاء حوائج الشيعة ضمن اتفاق ديني أخلاقي، حيث قال له عليه السلام: "إضمن لي واحدة وأضمن لك ثلاثاً: لا يضلك سقف سجن، ولا يمسك حر نار، ولا يمسك ظلم ظالم. إضمن لي واحدة: أن لا ترد حاجة لصاحب حاجة".
4) ربما استخدم الإمام الكاظم (ع) الجانب الإعجازي في الخروج من السجن لقضاء بعض المهام، ورغم أن التاريخ لا ينقل إلا النزر اليسير في هذا الموضوع لأسباب لسنا بصدد استعراضها، إلا أنه عليه السلام استخدم المعجزة في إخراج غيره من السجن، وليس مستبعداً أنه قام بمثل ذلك من أجل انجاز بعض المهام وقضاء حاجات المؤمنين.
   جاء في التاريخ عن صالح بن واقد الطبري قال: دخلت على موسى بن جعفر، فقال : يا صالح إنه يدعوك الطاغية (يعني هارون) فيحبسك في محبسه ويسألك عني، فقل إني لا أعرفه، فإذا صرت إلى محبسه فقل: من أردت أن تخرجه فأخرجه بإذن اللـه تعالى. فدعاني هارون من طبرستان فقال: ما فعل موسى بن جعفر فقد بلغني أنه كان عندك؟ فقلت: ما يدريني من موسى بن جعفر؟ أنت يا أمير المؤمنين أعرف به وبمكانه. فقال هارون: إذهبوا به إلى الحبس. فواللـه إني لفي بعض اللّيالي قاعد وأهل الحبس نيام إذ أنا به (يعني الإمام الكاظم (ع)) يقول: يا صالح! قلت: لبيك. قال: صرت إلى ههنا؟ فقلت: نعم يا سيدي، قال: قم فاخرج واتبعني، فقمت وخرجت، فلما صرنا إلى بعض الطريق قال: صالح يا رسول اللـه محبوس مظلوم فكرر عليّ ذلك ثلاثاً، ثم قال :السلطان سلطاننا كرامة من اللـه أعطاناها، قلت : يا سيدي فأين أحتجز من هذا الطاغية؟ قال: عليك ببلادك فارجع إليها فإنه لن يصل إليك، قال صالح: فرجعت إلى طبرستان، فواللـه ما سأل ولا أدري أحبسني أم لا.
   إذن؛ فإن اقتطاع 17 عاماً من عمر الإمام ليقضيها في السجون لم تحقق القطيعة مع المجتمع أو القضاء على فكر ومنهج أهل البيت عليهم السلام، فلم يحل السجن دون ممارسة مسؤولياته وحضوره الاجتماعي والفكري والتربوي.
   هذه إطلالة سريعة على بحر الجود، وما أحوجنا أن نقرأ بعمق سيرة الإمام الكاظم وتجربته الفريدة، فالتاريخ يعيد نفسه حيث تقوم السلطات الظالمة في كل مكان بتقييد حرية النشطاء والمطالبين بالحقوق من أجل أبعادهم عن مجتمعهم وبهدف كسر شوكتهم وإذلالهم، وهنا لا شك أن القراءة العميقة للسيرة العطرة للإمام عليه السلام ستسهم في إيضاح الأساليب التي تساعد على تخطي تجربة الإعتقال بنجاح وتحويلها من محاولة الأنظمة هزيمة المؤمنين بها إلى عوامل انتصار لهم بإذن الله.

                                
شبكة الوادي الثقافي - ناصر الحسين ـ كاتب واعلامي ـ سيهات - الثلاثاء 4 / 06 / 2013 - 06:00 مساءً     زيارات 6302     تعليقات 0
عرض الردود
أضف تعليقك



تسجيل الدخول


احصائيات عامة

المقالات والأخبار 1,277
الصور 2,751
الرواديد 82
الصوتيات 2,010
المرئيات 1,628
مكتبة البرامج والكتب 40
المجموع 7,788