البصيرة هي البينة التي يهتدي الانسان بسببها، وهي آلة التمييز بين الحق والباطل وجمعها "بصائر" قال الله عز وجل: (هَٰذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) الجاثية
البصيرة نور في قلب الانسان المؤمن ورؤيته الثاقبة، ونافذة تصل الى بواطن الأمور وحقائقها، وهي الموهبة الإلهية، والمَلَكَة التي تحصل لدى الانسان البصير بفعل معنوى وتوفيق رباني، وهي الرؤية المستقبلية، والقدرة على رؤية الاحداث القادمة.
رأيت من الضرورة أن أكتب هذه المرة بشكل آخر عن الاْمام أبو الحسن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف عليه السلام، ونحن نعيش ذكرى استشهاده الأليمة في محراب الصلاة بمسجد الكوفة وفي شهر رمضان المبارك.. هو إبن عم الرسول الأعظم صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه الميامين، وأول من صلّى معه.. هو أفضل الأمة مناقب، وأجمعها سوابق، وأعلمها بالكتاب والسنة، وأكثرها إخلاصاً وعبادة لله تعالى، وجهاداً في سبيله، فلولا سيفه لما قام الدين، ولا انهدت صولة الكافرين.
الحديث عن الامام الحسن بن علي بن أبي طالب عليهما السلام، هو الحديث عن سر الروح في آفاقها الواسعة الصافية النقية المنفتحة على الله عزوجل، وعمق الانسانية المتحركة بالخير والحق والعدل كله.. ومعنى الحكمة في مواجهة حركة الواقع في سلبياته وايجابياته، وشمولية العطاء في رعاية المحرومين من حوله، وسموّ الأخلاق الّتي تحتضن كل مشاعر الناس بكل اللهفة الحانية في مشاعرها، وتتحرك في مواقع العصمة في سلوكه في نفسه ومع ربه ومع الناس ومع الحياة.
هو ثاني أئمَّة أهل البيت الطاهرين (عليهم السلام)، وأول السبطين، وأحد سيَّدي شباب أهل الجنَّة، وأحد ريحانتي رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الاخيار)، وأحد الخمسة من أصحاب الكساء (عليهم السلام).
الدين الاسلامي الحنيف اعتبر الدعاء المتمم والمكمل للعلم والمعرفة والضرورة الملحة لحياة البشر الاجتماعية والحياة السليمة والسلمية القائمة على روح التعاون والتسامح والرحمة والمودة والمحبة والتآخي فيما بين الناس بشتى صنوفهم، وهو أفضل وسيلة لتربية الإنسان المسلم وتوعيته وتنوير فكره وهدايته نحو الصواب والطريق القويم وتعزيز ارادته وعزمه على مواجهة المصاعب والمصائب وردع الظلم والقمع والفرعنة والطغيان، والتصدي للمحتل والمستعمر والمستكبر والشيطان، والدعوة نحو التحرر والاستقلال وعبودية الله سبحانه وتعالى وحده دون غيره. القرآن الكريم والاحاديث النبوية أشارا الى أن للدين مظهراً وجوهراً، فالعبادات كالصلاة والصيام والحج و.. هي مظاهر الدين الحنيف، فيما يشكل الدعاء جوهر الدين وعماده القويم فهو اتصال الانسان بالله سبحانه وتعالى وحديثه الخاص مع البارئ المتعال ومناجاته مع ربه الكريم، وهو ضرورة ملحة واساسية في تربية الإنسان العارف المؤمن الواعي والمسامح النبيل الشجاع الكريم المقاوم الصامد جيلاً بعد جيل.
"الوفاء" و"الصدق" من أبرز الصفات والخصال الحميدة في تفاصيل حياة أي إنسان، ولهما دور كبير ومصيري في علاقة الفرد والمجتمع والأمة بقيادتها والالتفاف حولها وتنفيذ ما توكله لها بأفضل صورة وخلوص نية وصدق إرادة.. الأهم من هذا هي الآلية والطريقة الصحيحة لاكتساب هذه الخصال الحميدة لدى الانسان فهل تأتي بالمجان أو صدفة؟ أو هل يخال البعض أن بالإمكان أن يكون وفياً او صادقاً او أميناً وقتما شاء...؟!؛ كلا لابد من معلم رشيد وواعي لهذه المدرسة الأبية كي يتتلمذ على يديه الإنسان الحر المؤمن الصادق.
كثيرون هم الذين تناولوا في كتبهم ومقالاتهم شجاعة وبسالة وتضحية وإباء وفداء ووفاء الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام، وركز التاريخ وكتّابه أكثر ما ركزوا على قضية دعوته للاصلاح في أمة جده الرسول المصطفى صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله واصحابه المنتجبين، ثم قضية عاشوراء عام 61 للهجرة وما آلت اليه ماكنة الإجرام الأموي الدموي البشع، والتي عكست الحقد الدفين والكراهية البغضاء والعداء الحاقد لأبناء الطلقاء وهند آكلة الأكباد ذات الراية الحمراء تجاه آل بيت الوحي والتنزيل الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} - سورة الأحزاب الآية 33.
في عيد المرأة للعام 2022 حيث نساء العالم تحتفل باستقلالها والاعتراف بها ككائن كامل الأهلية ، لا تزال المرأة العربية وتحديدا المرأة العراقية تعاني الأمرين في حياتها ، فلا قانون ينصفها ولا مجتمع يرحمها .
عاش الامام موسى بن جعفر الكاظم بن الامام جعفر الصادق (عليهما السلام) مدة إمامته بعد أبيه في فترة تتّسم عادة بالقوّة والعنفوان وهي فترة صعود الدولة العباسية وانطلاقتها، واستلم شؤون الامامة في ظروف صعبة وقاسية، نتيجة الممارسات الجائرة للسلطة العباسية وعلى رأسها المنصور الدوانيقي، ورغم ذلك جسّد دور الامامة بأجمل صورها ومعانيها.
لو استنطقنا سجل التاريخ وقرأنا صفحاته وآثاره قراءة تحليلية واعية، واستقرأنا آيات القرآن الكريم، بتعمق وفهم وتفسير حقيقي مستدل مستند موثق ومعرفة طبيعة المجتمع وتكوينه النفسي والاقتصادي والثقافي والعقائدي والاجتماعي، ووقفنا على أسباب نزول الآيات المباركة التي تحدثت عن أوضاع العرب وطبيعة أصحاب الديانات السماوية والوثنية في العالم برمته آنذاك، وما وصلت إليه من تردّ وسقوط، نكتشف بوضوح الصورة المأساوية والأوضاع المتخلفة التي كان يعيشها العالم الجاهلي من الجزيرة العربية حتى أبعد نقطة على وجه الأرض شمالاً وجنوباً، وشرقاً وغرباً.
دائماً ما يبحث الإنسان عن الخلود، فسادت أساطير. حكايات ومنذ العصور القديمة، حول وجود نبتة او نبع او شجرة للحياة الأبدية..
فكرة الأبدية للمخلوقات خيالية، لأن إكسير الحياة لا يخلد الشخوص مادياً وإنما فكرياً، والبشر يمكن أن يتخلد ذكره لا جسده في قلوب محبيه.
الخالدون فكراً كثيرون، لكنهم يحتلفون بدرجة تأثيرهم، هناك من بقى إسمه ينبض داخل شوارع الفكر العراقي، والشهيد السيد محمد باقر الحكيم واحد منهم.. فهو عاش مجاهداً و أرتقى إلى الرحمن شهيداً، وأفكاره التي حاول تطبيقها كثيرة، ومتشعبه في نواحي الحياة الإجتماعية، وكذلك في فكر المدنية السياسية، مما جعلها قائمة إلى اليوم، يحاول من جاء بعده تطبيقها على أسس الإنتماء الوطني، وإعلاء عقيدة الوطن أولاً، حيث كانت أهداف الشهيد العراقي تتمحور في عدة جوانب.
الحالمون ببناء وطن، هم القادرون على الحوار، والقادرون على التحاور يستطيعون المضي بتألف القلوب.. وصاحب المشروع السامي يمشي على الزجاج، المتكسر لكي يصنع طريق لا اخوته، هكذا هم أصحاب المشروع.
الشهيد هو لحظة التسامي فوق هذه الغرائز العمياء، حينما يثبت في مواجهة الموت، ويعلو فوق الانعكاسات الشرطية، وقتها يتحقق فيه الإنسان الكامل، يكون الشهيد هو الإنسان الكامل الذي أسجد الله له الملائكة.. والسيد الحكيم الشهادة هي من ارادته لأنه هو كان اهلا لها كجده الحسين.
لم يكن السيد محمد باقر الحكيم إبنا للمرجع الأعلى للشيعة السيد محسن الحكيم "قدس سره" وحصل على الهالة والقداسة من هذا العنوان فحسب، كما إنه لم يكن ممثلا لمرجعية والده في الساحة العراقية منذ بداية ستينيات وسبعينيات القرن الماضي فقط، إنما كان شخصية فذة أخذت على عاتقها الطابع الحركي والتفاعل مع قضايا الأمة، في مرحلة كانت هي الأصعب في تحولاتها الثقافية والإجتماعية والسياسية.
يعد شهيد المحراب السيد محمد باقر الحكيم، شخصية جمعت مميزات عديدة، جزء منها ساقتها الاقدار، وجزء منها جاء عبر نضال وكفاح وديمومة ثبات، تجاه حالة تأسيسية لوضع سياسي واجتماعي جديد، كان يخطط السيد الحكيم لتأصيله في بيئة المجتمع العراقي الشيعي، باعتباره حلقة من سلسلة مهمة تعاضدت احداث تاريخية كثيرة على خلقها، منها نهضات التنوير التي حصلت في الدول والمجتمعات العربية والاسلامية، ومشاريع التغريب وزرع الثقافات الدخيلة تحت مسمى التنوير، يضاف لها ارهاصات التأسيس للحركات الاسلامية المضادة للتغريب.
هنالك توصيفات عديدة يراد منها تمييز وإيضاح حال حملة العلم، لكن الشيء الذي من خلاله يتم تمايزهم عن بعضهم، هو العمل بمقتضى ذلك العلم، وانسجام العناوين الضاهرة مع الخفايا المبطنة .
لقد ذم القرآن الكريم بعض الأقوام الذين أعطوا من مفاتيح السعادة ما أن عملوا بنضمونها، لاصبحوا في سعادة لا توصف من الرفاه والسكينة، إلا أنهم اهتموا بحفظ التعليمات والأوامر الإرشادية لفظا، دون الاكتراث للمضمون، بل عملوا على تحريفه وتبديله قال تعالى :
"إنَّ عالمنا اليوم مليء بالأحداث والفتن والاضطرابات؛ وجميعها تحتاج إلى, من يدل ويرشد ويعلم الناس، ونحن كمسلمين نحتاج إلى من يرشد الناس؛ من الظلمات إلى النور" السيد محمد باقر الحكيم.
الامام محمد بن علي الجواد (عليه السلام) تاسع أنوار الامامة والهداية الربانية للبشرية جمعاء ، من أروع صور الفكر والعلم في الاسلام الذي حوى فضائل الدنيا ومكارمها وفجر ينابيع الحكمة والعلم في الأرض، فكان المعلّم والرائد للنهضة العلمية، والثقافية في عصره، وقد أقبل عليه العلماء والفقهاء، ورواة الحديث، وطلبة الحكمة والمعارف، وهم ينهلون من نمير علومه وآدابه.
أخذ رسول الله صلى الله عليه آله وسلم يوماً بيد أبنته فاطمة عليها السلام في جمع من أصحابه، وقال مخاطباً إياهم: "وأما أبنتي فاطمة، فإنها سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين، وهي بضعة مني، ونور عيني، وهي ثمرة فؤادي، وهي روحي التي بين جنبي... وإني لما رأيتها ذكرت ما يُصنع بها بعدي، كأني بها وقد دَخل الذل بيتها، وأنتهكت حرمتها، وغُصبت حقها،
إحياء ذكرى ولادة النبي الصادق الأمين محمد بن عبد الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه المنتجبين وسلم، يعتبر أحد المحطات الهامة في تاريخ الأمة، ويدخل في قوله تعالى: { وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ }- ابراهيم:5، أي بنعمه عليهم وإحسانه إليهم ومن هنا يجب أن نجعل هذا التذكير محطة سنوية لربط الأمة بنبيها وآله، الى جانب المحطات العظيمة الأخرى في تاريخها مثل يوم المبعث النبوي الشريف وكذا ذكرى استشهاد خاتم المرسلين، وعيد الغدير الأغر وغيره من المحطات السماوية الاخرى. لكن أصوات المتاجرين بالدين تعالت على منابر التكفير والتفسيق خلال العقود الأخيرة بقيادة فقه الفرقة الوهابية الضالة المظلة التي لم تترك مجالاً لمحبي الحق والحقيقة من شيعةً وسنةً ليسمعوا صوت الرسالة المحمدية الاصلية تلك الجماعة التكفيرية المتطرفة التي تتمتع بدعم فكري ومالي سعودي، سعياً منها لزرع الفتن وخلق الفوضى بين صفوف الأمة.
التاريخ يعيد نفسه والأحداث تتكرر والطغاة يسيرون على ذات نهجهم في قمع إرادة الشعوب واستغلال الدين بتحريف الحقيقة وتزويرها، بدعم وعاظ عروشهم الذين يعيشون على فتات موائد الحكام المتفرعنين متجاهلين فرائض الله سبحانه وتعالى وما حملته رسالة السماء السمحاء على يد خاتم المرسلين وسيد الأنبياء الرسول الأكرم صلى الله عليه وعلى آله و صحبه الميامين وسلم، وما أوصى به حشود المسلمين والصحابة في "غدير خم" وغيرها من المناسبات المختلفة بالتمسك بحبل الله المتين والالتفاف حول القرآن الكريم والعترة الطاهرة (حديث الثقلين المتفق عليه عند العامة والخاصة)؛ فنقضوها جملة وتفصيلاً وهو لا يزال على فراش الموت ولم يدفن جسده الطاهر فكان انقلابهم الكبير على الشرعية والنبوة والامامة .