دائماً ما يبحث الإنسان عن الخلود، فسادت أساطير. حكايات ومنذ العصور القديمة، حول وجود نبتة او نبع او شجرة للحياة الأبدية..
فكرة الأبدية للمخلوقات خيالية، لأن إكسير الحياة لا يخلد الشخوص مادياً وإنما فكرياً، والبشر يمكن أن يتخلد ذكره لا جسده في قلوب محبيه.
الخالدون فكراً كثيرون، لكنهم يحتلفون بدرجة تأثيرهم، هناك من بقى إسمه ينبض داخل شوارع الفكر العراقي، والشهيد السيد محمد باقر الحكيم واحد منهم.. فهو عاش مجاهداً و أرتقى إلى الرحمن شهيداً، وأفكاره التي حاول تطبيقها كثيرة، ومتشعبه في نواحي الحياة الإجتماعية، وكذلك في فكر المدنية السياسية، مما جعلها قائمة إلى اليوم، يحاول من جاء بعده تطبيقها على أسس الإنتماء الوطني، وإعلاء عقيدة الوطن أولاً، حيث كانت أهداف الشهيد العراقي تتمحور في عدة جوانب.
الحالمون ببناء وطن، هم القادرون على الحوار، والقادرون على التحاور يستطيعون المضي بتألف القلوب.. وصاحب المشروع السامي يمشي على الزجاج، المتكسر لكي يصنع طريق لا اخوته، هكذا هم أصحاب المشروع.
الشهيد هو لحظة التسامي فوق هذه الغرائز العمياء، حينما يثبت في مواجهة الموت، ويعلو فوق الانعكاسات الشرطية، وقتها يتحقق فيه الإنسان الكامل، يكون الشهيد هو الإنسان الكامل الذي أسجد الله له الملائكة.. والسيد الحكيم الشهادة هي من ارادته لأنه هو كان اهلا لها كجده الحسين.
لم يكن السيد محمد باقر الحكيم إبنا للمرجع الأعلى للشيعة السيد محسن الحكيم "قدس سره" وحصل على الهالة والقداسة من هذا العنوان فحسب، كما إنه لم يكن ممثلا لمرجعية والده في الساحة العراقية منذ بداية ستينيات وسبعينيات القرن الماضي فقط، إنما كان شخصية فذة أخذت على عاتقها الطابع الحركي والتفاعل مع قضايا الأمة، في مرحلة كانت هي الأصعب في تحولاتها الثقافية والإجتماعية والسياسية.
يعد شهيد المحراب السيد محمد باقر الحكيم، شخصية جمعت مميزات عديدة، جزء منها ساقتها الاقدار، وجزء منها جاء عبر نضال وكفاح وديمومة ثبات، تجاه حالة تأسيسية لوضع سياسي واجتماعي جديد، كان يخطط السيد الحكيم لتأصيله في بيئة المجتمع العراقي الشيعي، باعتباره حلقة من سلسلة مهمة تعاضدت احداث تاريخية كثيرة على خلقها، منها نهضات التنوير التي حصلت في الدول والمجتمعات العربية والاسلامية، ومشاريع التغريب وزرع الثقافات الدخيلة تحت مسمى التنوير، يضاف لها ارهاصات التأسيس للحركات الاسلامية المضادة للتغريب.
هنالك توصيفات عديدة يراد منها تمييز وإيضاح حال حملة العلم، لكن الشيء الذي من خلاله يتم تمايزهم عن بعضهم، هو العمل بمقتضى ذلك العلم، وانسجام العناوين الضاهرة مع الخفايا المبطنة .
لقد ذم القرآن الكريم بعض الأقوام الذين أعطوا من مفاتيح السعادة ما أن عملوا بنضمونها، لاصبحوا في سعادة لا توصف من الرفاه والسكينة، إلا أنهم اهتموا بحفظ التعليمات والأوامر الإرشادية لفظا، دون الاكتراث للمضمون، بل عملوا على تحريفه وتبديله قال تعالى :
"إنَّ عالمنا اليوم مليء بالأحداث والفتن والاضطرابات؛ وجميعها تحتاج إلى, من يدل ويرشد ويعلم الناس، ونحن كمسلمين نحتاج إلى من يرشد الناس؛ من الظلمات إلى النور" السيد محمد باقر الحكيم.
الامام محمد بن علي الجواد (عليه السلام) تاسع أنوار الامامة والهداية الربانية للبشرية جمعاء ، من أروع صور الفكر والعلم في الاسلام الذي حوى فضائل الدنيا ومكارمها وفجر ينابيع الحكمة والعلم في الأرض، فكان المعلّم والرائد للنهضة العلمية، والثقافية في عصره، وقد أقبل عليه العلماء والفقهاء، ورواة الحديث، وطلبة الحكمة والمعارف، وهم ينهلون من نمير علومه وآدابه.
أخذ رسول الله صلى الله عليه آله وسلم يوماً بيد أبنته فاطمة عليها السلام في جمع من أصحابه، وقال مخاطباً إياهم: "وأما أبنتي فاطمة، فإنها سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين، وهي بضعة مني، ونور عيني، وهي ثمرة فؤادي، وهي روحي التي بين جنبي... وإني لما رأيتها ذكرت ما يُصنع بها بعدي، كأني بها وقد دَخل الذل بيتها، وأنتهكت حرمتها، وغُصبت حقها،
إحياء ذكرى ولادة النبي الصادق الأمين محمد بن عبد الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه المنتجبين وسلم، يعتبر أحد المحطات الهامة في تاريخ الأمة، ويدخل في قوله تعالى: { وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ }- ابراهيم:5، أي بنعمه عليهم وإحسانه إليهم ومن هنا يجب أن نجعل هذا التذكير محطة سنوية لربط الأمة بنبيها وآله، الى جانب المحطات العظيمة الأخرى في تاريخها مثل يوم المبعث النبوي الشريف وكذا ذكرى استشهاد خاتم المرسلين، وعيد الغدير الأغر وغيره من المحطات السماوية الاخرى. لكن أصوات المتاجرين بالدين تعالت على منابر التكفير والتفسيق خلال العقود الأخيرة بقيادة فقه الفرقة الوهابية الضالة المظلة التي لم تترك مجالاً لمحبي الحق والحقيقة من شيعةً وسنةً ليسمعوا صوت الرسالة المحمدية الاصلية تلك الجماعة التكفيرية المتطرفة التي تتمتع بدعم فكري ومالي سعودي، سعياً منها لزرع الفتن وخلق الفوضى بين صفوف الأمة.
التاريخ يعيد نفسه والأحداث تتكرر والطغاة يسيرون على ذات نهجهم في قمع إرادة الشعوب واستغلال الدين بتحريف الحقيقة وتزويرها، بدعم وعاظ عروشهم الذين يعيشون على فتات موائد الحكام المتفرعنين متجاهلين فرائض الله سبحانه وتعالى وما حملته رسالة السماء السمحاء على يد خاتم المرسلين وسيد الأنبياء الرسول الأكرم صلى الله عليه وعلى آله و صحبه الميامين وسلم، وما أوصى به حشود المسلمين والصحابة في "غدير خم" وغيرها من المناسبات المختلفة بالتمسك بحبل الله المتين والالتفاف حول القرآن الكريم والعترة الطاهرة (حديث الثقلين المتفق عليه عند العامة والخاصة)؛ فنقضوها جملة وتفصيلاً وهو لا يزال على فراش الموت ولم يدفن جسده الطاهر فكان انقلابهم الكبير على الشرعية والنبوة والامامة .
لم ولن يحفظوا له رسالة ولا شخصية ولا منزلة ولا كرامة ولا وصية ولا أهل بيت رغم أنه أنقذهم من الشرك والضلالة والظلمة والوثنية نحو النور والعلم والهداية صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ" - ابراهيم: 1؛ فينبرون بكل وقاحة وجسارة ليتهمونه بالهجران عندما طلب منهم قلما ودواة ليكتب لهم وصيته وهو الصادق الأمين الذي "وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى" - النجم: 3و4، لينادي الرجل بأعلى صوته قائلا: "دعوه أن الرجل ليهجر.. وعندنا كتاب الله حسبنا" - رواه البخاري بسنده عن عبيد الله بن عبد الله وكذلك ابن سعد عن ابن جبير عن ابن عباس (صحيح البخاري بحاشية السندي 1/32 كتاب العلم)، ورواه احمد بن حنبل في مسنده: 3/346، ومسلم في صحيحه: 3/1257- 1259 كتاب الوصية، وكذلك البخاري في صحيحه: 5/127، وفي الصحاح: 2/851 ايضاً، وبألفاظ مختلفة.
أول إعلامٍ حربي كان على يد إبنة علي بن أبي طالب "عليهما وألهما السلام" حيث نقلت الحقيقة الكاملة من أولها لآخرها، مفصلة الحقد والجريمة البشعة التي أرتكبت، بل وتعدت ذلك عندما وقفت في مجلس اللعين الطاغية يزيد، وتكلمت بلغة أبيها وأحرجتهُ ففضحته وبين باطله وزيف شرعية حكمه أمام الحاضرين .
حجارة من سجيل تلك الكلمات التي شكلت جمل خطبة عقيلة بني هاشم سيدتنا زينب الكبرى سلام الله عليها في مجلس الطاغية الأموي الدموي المجرم "يزيد بن معاوية بن أبي سفيان الطليق" بالشام سنة 61 للهجرة، عندما دخلت أسيرة مكبلة هي والامام زين العابدين عليه السلام وسائر أطفال ونساء بني هاشم بعد فاجعة كربلاء التي لم يشهد التاريخ نظيرها طيلة القرون الماضية، حيث قامت واقفة شامخة تعيد للحضور إجلال وشموخ وعظمة وفقاهة وبلاغة أبيها الامام علي أمير المؤمنين عليه السلام وما تعلمته من مدرسة جدها الرسول الأعظم محمد المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، عندما رأت "يزيد" الفسق والفجور والاجرام والدموية والجاهلية منكباً بخيزرانه على ثنايا أخيها الامام الحسين عليه السلام أمام الحضور، فصرخت في وجهه وأربكته وأرعدته وهي تقول: "يا يزيد.. كد كيدك، واسع سعيك، وناصب جهدك، فو الله لا تمحو ذكرنا، ولا تميت وحينا، ولا يرحض عنك عارها، وهل رأيك الا فند وأيامك الا عدد، وجمعك إلا بدد، يوم ينادي المنادي ألا لعنة الله على الظالمين".
التاريخ الاسلامي لم ينصف الحقيقة في غالبيته المطلقة كونه كتب بحروف وأقلام مأجورة لأنظمة طاغية تقمصها أبناء الطلقاء، ما أدى الى تأثر أصحاب النفوس الضعيفة والوضيعة من كلا الطرفين الخاصة والعامة، بما يكتب دون التمعن بجذوره أو الرجوع الى حقيقته.
ثورة الامام الحسين عليه السلام ووقفته البطولية يوم الطف أعطت دروساً بالأخلاق والإباء والتضحية والصمود والمقاومة، ردعاً للتزييف والتحريف والظلم والديكتاتورية، أكثر مما تحصى ويعجز الوصف عن إحصاء مفرداتها فأصبح الامام الحسين (عليه السلام) رمزاً للثائرين في كل مكان من الأرض وفي كل الأديان والملل، ومن عجائبها هو استمراريتها فبعد أكثر من 1380 عاماً لا تزال شعلتها تتقد في نفوس المؤمنين، فأقيمت على منهجها دولاً وممالك نشرت الخير والإصلاح وأضحت مناراً للمستضعفين وطلاب الحرية على مر العصور.
ليس غريباً أن نسمع لحناً ما، فنجده ينساب في أعماقنا ويمتزج مع كلِّ ذرة في وجداننا وإيماننا.. ذلك لأن من أبدع هذا اللحن أودعه جزءاً من روحه؛ يتنقَّل معه من عالم الى آخر من خلال صوت مفعمِ بكرامة والانسانية والعدالة والمشاعر الجياشة.. وأحياناً يكون المبدع انساناً ساعيأً من نوع خاص، يرسل إلينا رسائل تتلاقى أرواحنا فيها مع الحروف لانها توضح لنا معنى الحياة السليمة والحرة النابعة من النفس الأبية والعزة والكرامة الصادقة بعيداً عن الشعارات الخاوية الملونة التي يطلقها البعض وتتشدق بها بعض المكاتب المنحرفة..
كثيرة هي الأيام المباركة والمواقف المشرفة التي تميز بها أهل بيت النبوة والرسالة عليهم السلام لتؤكد للجميع منزلتهم الرفيعة والعالية لدى الباري تعالى ومكانتهم المقدسة التي أكدها الخالق المتعال في محكم كتابه، ومن تلك الشواهد البارزة للمكانة المميزة لأهل بيت الوحي والنبوة والعصمة والطهارة عليهم السلام دون غيرهم هو ذلك الموقف الذي تجسد في يوم الرابع والعشرين من السنة العاشرة للهجرة النبوية المباركة وهو "يوم المباهلة" حيث الاعلان الرباني على وصاية وولاية علي بن أب طالب وأ المنتجبين عليهم السلام أجمعين، قبل يوم الغدير، حيث قال تعالى: "فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِمَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِل فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ"ـ سورة آل عمران الآية61.
ارتأيت هذه المرة وبدلا عن كتابة مقال بخصوص "حديث الغدير" وما يدور من حوله، أن أذكر ما جاء في كتب الحديث والسنة لكبار علماء السنة المعتمدين عند الجميع لوقوف الأمة على حقيقة الحديث وأسبابه وأنه نص من الباري تعالى وليس كما يفسره بعض ذوي النفوس الضعيفة وممن تأثر بابواق الإعلام المشبوه والمسموم طيلة أكثر من 14 قرناً، تلك الأيادي التي صاغت التاريخ الإسلامي بزيف ونفاق وبعيد عن الواقع؛ وها أنا أضع بين يدي القارئ الكريم واقعة "غديرخم" ومسانده ورواته باختصار...
أتذكر مع ظهور أول إصابة في مدينتي، وما إن إنتشر الخبر حتى سارعت كوادر البلدية وأغلقت شارع المصابين بالتراب.. ومنعت الأجهزة الأمنية الدخول والخروج من الشارع، وهرعت حملات التطهير والتعفير الى المنطقة، وذهبت الكوادر الطبية الى بيوت المصابين، ودخل كل من لامسهم أو سلم عليهم في حالة من الرعب خوفا من الإصابة.
الدولمة واحدة من الأكلات العراقية الشهيرة, وفي الولائم الخاصة تقدم كنوع من ذوق العائلة.
الدولمة ليست أكلة شعبية فحسب، وتسمى سفيرة العراق الى سفرة العالم، ولا تكاد تنافسها أكلة أخرى، ومن متطلبات العائلة والإهتمام بالضيوف، ودون منازع تقدم ساخنة وسط سفرة الطعام، وفي العائلة لها مراسم وأيام خاصة، وتلتقط لها صور وهي في القدر الى حين نزولها الى الصينية، ليراها من يحب العائلة ومن يبغضها، وتُظهر المستوى المعاشي للعائلة حسب مكوناتها.
شهد العراق في الآونة الاخيرة تزايد حالات الانتحار بين الشباب من كلا الجنسين، لأسباب عديدة منها، الاعلام السلبي وترويج له على أنه وسيلة للخلاص من ضغوطات الحياة، ونهاية للمشكلة، وطريقة للتعبير عن تمسكه بالشيء الذي خسره، تروج على انها إثبات الوفاء.
فكرة الانتحار فكرة جديدة على المجتمع العراقي ونادرة، ولكنها تهول من قبل الاعلام ويطلق عليها ظاهرة، وهي ليست كذلك والدليل خلو قائمة أول 100 دولة في الانتحار على مستوى العالم من العراق.
الامام محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب أمير المؤمنين عليهم السلام أجمعين، هو منتهى المكارم سبق الدنيا بعلمه وامتلأت الكتب بحديثه، هو مجمع الفضائل ومن أبرز رجال الفكر ومن ألمع أئمة المسلمين، حيث سماه رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقبل ولادته بعقود بـ"الباقر" في حديث عن الصحابي الجليل جابر بن عبد الله الأنصاري (رض)، لأنه بقر العلم بقراً، أي فجّره ونشره فلم يُروَ عن أحد من أئمة أهل البيت عليهم السلام .